السبت، 15 يونيو 2013

الجماعة المفلسة


كتب :أحمد الصاوي في جريدة الشروق 


في الشدة تظهر معادن الرجال، والإخوان في شدة ما بعدها شدة.. مواجهة مع المجتمع تتجاوز الخلافات السياسية إلى القناعة بانعدام الكفاءة والوعي. الشارع يعزل الجماعة التي تحكم. يحشد للتظاهر ضدها. اختبار 30 يونيو صعب بكل المقاييس. مسوغات النزول عند الناس تتصاعد.
الجماعة المزنوقة يظهر معدنها الحقيقي، فشلت أن تقنع الناس بشرعية الرئيس، لأنها اكتفت فقط بالصندوق، ولم تبن بعد الصندوق إنجازا أو صدقا، مارست الكذب وإخلاف الوعود ممزوجا بالفشل وسوء الإدارة، صارت مثل رجل لا ينفق على زوجته، ولا يحسن إدارة شئون بيتها، يكذب ويكذب ويكذب، يخفق ويخفق ويخفق، ثم يتحدث عن شرعية «قسيمة الزواج».
بحثت الجماعة عن إنجاز تتشبث به وسط هذا الفشل لعله ينفعها يوم أن يحاسبها الشعب، تحدثت عن القمح. روج وزيرها والكاذبون المضللون من كتابه وأبواقه لإنجاز القمح. خطب الرئيس ليدغدع مشاعر الناس. انكشف الكذب أي انكشاف. الرئيس إذن بطل حرر الجنود المختطفين. لكنه لم يعاقب الخاطفين، أي بطولة في ترك المجرمين بلا عقاب. الرئيس ملتحٍ ويصلي، هل تكفيه لحيته وصلاته حين يقف أمام الله وكل دواب الأرض تتعثر؟
الجماعة مزنوقة. لا إنجاز على الأرض يمكن أن يشفع لها لتروجه للبسطاء لعلهم يلتفون حول الرئيس ولا يخرجون ضده، لا وعود يمكن قطعها من جديد، وقد جرب الناس وعود عام كامل وبات يقينا لديهم أنها جماعة ما صانت عهدا ورئيس ما احترم وعدا.
الجماعة مزنوقة.. وعند الزنقة يظهر معدنها الحقيقي كتاجر دين لا أكثر. إذا كنت غير مقتنع بالدفاع عن مرسي فحاول أن تدافع عن الإسلام. هكذا يقولون بحثا عن طوق نجاة أخير. مرسي هو الإسلام والإسلام هو مرسي. الجماعة هي الدين والدين هو الجماعة. المعركة ليست سياسية. لكنها بين أنصار الدين وأعدائه.. يقول لك المرشد إن 30 يونيو هو يوم اتباع الهوى والشيطان. ويقول لك عاصم عبدالماجد إن الرسول كان يقتل معارضيه. وتستدعي صفحات الإخوان الطائفية والاتهامات للكنيسة بالمشاركة في الحشد. 30 يونيو هو اختبار للإسلام وليس للجماعة كما يقولون لك. وعليك أن تختار أن يبقى الإسلام في مصر أو يغادرها بعد 30 يونيو إلى الأبد.
هذه جماعة مفلسة. عندما تيأس تلجأ للمنابر، تتحدث عن إسلام دخل مصر واستقر دون فضل منهم، لكن إذا كان إقناع الناس بمناصرة الرئيس بلا جدوى، فلندفعهم ليناصروا الإسلام، لا يهم إن تاجرنا بالدين. اشترينا بآياته مقاعد حكم وسلطة. اعتبرنا أنفسنا الدين وسقوطنا سقوطه ونهايته. عبدنا مقاعد الحكم لتقربنا إلى الله زلفى. المهم السلطة وما قرب إليها من قول وعمل. هذه حرب والكذب في الحرب مباح والطعن في أعراض وعقائد الخصوم جائز.
وغدا وحتى 30 يونيو وبعده سيقولون أكثر وأكثر عن أعداء الإسلام العلمانيين والملاحدة والشيوعيين الذين يتمردون على الدين.
تجار الدين لا يمثلون الدين حتى لو كفروا العالم كله. كان الخوارج يقولون «إن الحكم إلا لله» وقاتلهم الإمام علي أول مؤمن بدعوة الله ونبوة رسوله.

المفلسون يقولون: أنقذوا الإسلام.. لأنهم يعرفون إن قالوا أنقذوا مرسي، ما هو الدعاء الذي يرد به البسطاء في الشوارع.
-->

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق